الأربعاء، 1 أغسطس 2012

فوكنر في كلمة نوبل‮

مأساتنا اليوم هي الخوف


ترجمة‮: ‬أمير زكى

سيداتي‮ ‬وسادتي

أدرك أن هذه الجائزة لم تُمنح لي‮ ‬كشخص،‮ ‬ولكن لأعمالي‮ ‬‮ ‬عمل عمر في‮ ‬معاناة وكفاح الروح الإنسانية،‮ ‬لا للمجد وبالطبع لا للربح،‮ ‬ولكن لخلق شيء من مواد الروح الإنسانية لم‮ ‬يوجد من قبل‮. ‬بهذه الطريقة فالجائزة ملكي‮ ‬فقط كمسئولية‮. ‬لن‮ ‬يكون من الصعب إيجاد تخصيص للجزء المالي‮ ‬فيها لمكافأة‮ ‬غرض ودلالة أصلها‮. ‬ولكني‮ ‬أود أن أقوم بالشيء نفسه بالنسبة للتقدير أيضا،‮ ‬عن طريق استخدام هذه اللحظة كذروة لما‮ ‬يمكن أن أكون قد سمعته عن طريق الشباب والشابات الذين وهبوا أنفسهم بالفعل لنفس الألم والمهنة،‮ ‬ومن ضمنهم هذا الشخص الذي‮ ‬سيقف‮ ‬يوما ما هنا في‮ ‬المكان الذي‮ ‬أقف فيه‮. ‬

مأساتنا اليوم هي‮ ‬خوف جسدي‮ ‬عام وعالمي‮ ‬طال تكبده إلي الآن وكذلك نستطيع تحمله‮. ‬لم تعد هناك مشاكل للروح‮. ‬هناك فقط السؤال‮: ‬متي سيتم تفجيري؟ بسبب هذا،‮ ‬الشاب‮ - ‬أو الشابة‮ - ‬الذي‮ ‬يكتب اليوم نسي‮ ‬مشاكل القلب الإنساني‮ ‬الذي‮ ‬في‮ ‬عراك مع نفسه،‮ ‬هذا الذي‮ ‬يصنع وحده الكتابة الجيدة،‮ ‬لأن هذا فقط ما‮ ‬يستحق الكتابة عنه،‮ ‬ويستحق الألم والكدح‮.‬

عليه أن‮ ‬يتعلم ذلك مرة أخري‮. ‬عليه أن‮ ‬يُعلّم نفسه أن أساس كل الأشياء هي‮ ‬أن‮ ‬يكون خائفا؛ وأن‮ ‬يُعلَم نفسه ذلك معناه أن‮ ‬ينساه للأبد،‮ ‬لا‮ ‬يترك مساحة في‮ ‬عمله لأي‮ ‬شيء إلا لحقائق وتأكيدات قلبه القديمة،‮ ‬حقائق العالم القديمة‮: -  ‬أي‮ ‬قصة تفتقد هذا هي‮ ‬قصة عابرة وميتة لا محالة‮ ‬‮ ‬الحب والشرف والشفقة والفخر والرحمة والتضحية‮. ‬وحتي‮ ‬يفعل ذلك فهو‮ ‬يعمل تحت لعنة؛ هو لا‮ ‬يكتب عن الحب بل عن الشهوة،‮ ‬عن الهزائم التي‮ ‬لا‮ ‬يخسر فيها أي‮ ‬أحد أي‮ ‬شيء ذو قيمة،‮ ‬عن انتصارات بلا أمل،‮ ‬والأسوأ من الكل،‮ ‬بلا شفقة أو رحمة‮. ‬أحزانه لا تؤثر في‮ ‬عظام العالم،‮ ‬لا تترك ندوبا‮. ‬هو لا‮ ‬يكتب عن القلب ولكن عن الغُدد‮.‬

حتي‮ ‬يعيد تعلم هذه الأشياء،‮ ‬سيكتب وكأنه‮ ‬يقف وسط البشر ويشهد نهايتهم‮. ‬أنا أرفض تقبل نهاية الإنسان‮. ‬من السهل بما‮ ‬يكفي‮ ‬القول إن الإنسان خالد ببساطة لأنه سيتحمل‮: ‬فحين تطرق الضربة الأخيرة للقدر وتخفت من علي الصخرة الأخيرة التي‮ ‬لا قيمة لها المعلقة الساكنة في‮ ‬المساء الأحمر المحتضر الأخير،‮ ‬حتي في‮ ‬وقتها سيظل صوتا واحدا باقيا‮: ‬صوته الضعيف الذي‮ ‬لا‮ ‬يهدأ،‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬يتكلم‮.‬

أنا أرفض أن أقبل ذلك،‮ ‬أنا أؤمن أن الإنسان ليس فقط سيتحمل‮: ‬ولكنه سينتصر‮. ‬إنه خالد،‮ ‬ليس فقط لأنه الوحيد بين المخلوقات الذي‮ ‬لديه صوت لا‮ ‬يهدأ ولكن لأن لديه روح،‮ ‬نفس قادرة علي الرحمة والتضحية والتحمل‮. ‬واجب الشاعر والكاتب هو أن‮ ‬يكتب عن هذه الأشياء‮. ‬إنه امتيازه ليساعد الإنسان ليتحمل عن طريق تعلية قلبه،‮ ‬بتذكيره بالشجاعة والشرف والأمل والفخر والرحمة والشفقة والتضحية،‮ ‬تلك التي‮ ‬كانت مجد ماضيه‮. ‬صوت الشاعر لا‮ ‬يحتاج فقط لأن‮ ‬يكون تسجيل للإنسان،‮ ‬إنه‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون واحدا من الدعائم،‮ ‬العواميد التي‮ ‬تساعده علي أن‮ ‬يتحمل وينتصر‮. ‬

1949

منقول من أخبار الأدب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق