الخميس، 7 أكتوبر 2010

رغم تناقضه السياسى.. رفض حرق القرآن.. ماريو بارجاس يوسا.. رحلة تمرد أوصلته إلى نوبل

الخميس، 7 أكتوبر 2010 - 17:53
ماريو بارجاس يوسا  
ماريو بارجاس يوسا
كتبت هدى زكريا
اليوم السابع
Bookmark and Share Add to Google
"لقد منحناه جائزة نوبل للآداب، لما قدمه من أعمال أدبية قادرة على تجسيد شخصيته المتفردة التى تتسم بالتمرد والمقاومة، وما له من أعمال تبرز نقاط القوة لديه"، بهذه الكلمات عبرت لجنة تحكيم جائزة نوبل فرع الآداب عن أسباب اختيارها للأديب العالمى البيرونى ماريو بارجاس يوسا، لتعلن تتويجه منذ ساعات بجائزة نوبل للآداب لهذا العام.

"الرواية مملكة الكذب والشعر ضمير العالم.. فالإنسان إله عندما يحلم وشحاذ عندما يفكر" شعار رفعه "يوسا" طوال حياته الأدبية التى بدأت وهو فى المرحلة الجامعية، حيث اكتشف بداخله طاقة كبيرة قادرة على الإبداع، وعلى الرغم من إيمانه بموهبته التى بدأت بنهمه للقراءة والإطلاع على كل ما هو جديد وهو فى مرحلة الطفولة إلا أنه كان يعى تماما أن الكتابة لا تطعم خبزاً، فتوقف عن حلمه بأن يصبح كاتبا فقط، وبدأ فى البحث عن أساليب أخرى تضمن له كسب قوت يومه.

عاش يوسا المولود 1936، الأعوام الأولى من حياته فى بوليفيا، وذلك قبل أن يعود مع عائلته إلى بلاده بيرو عام 1946، ودرس الحقوق وتزوج من إحدى قريباته جوليا أوركيدى، والتى كانت تكبره بثمانية عشر عاما، واستوحى من علاقتهما رائعته "الخالة جوليا والكاتب"، والتى صدرت عام 1977، ولكن لم تدم حياتهما معا طويلا، فسرعان ما تطلقا عام 1964، لتأتى مكانها "باتريسيا" امرأة حياته، كما يقول عنها دائما، وأنجب منها ثلاثة أولاد "ألفارو وغونزالو ومورغانا".

يوسا الذى عاش طويلا فى أوروبا، وتحديدا فى باريس ولندن ومدريد، وعمل فى مهن عديدة من بينها الصحافة والترجمة، اتسمت شخصيته بالحدة والتمرد والانتقاد الدائم للأوضاع السياسية القائمة، وتسبب ذلك فى حدوث خصومة بينه وبين صديقه الحميم الروائى الكولومبى الشهير جبرييل جارسيا ماركيز، والذى ربطته علاقة حميمة انتهت عام 2003 عندما قام يوسا بانتقاده فى أحد معارض الكتاب، واتهمه بموالاته لكوبا، وذلك بسبب علاقته بالدكتاتور فيديل كاسترو، وقتها هاجم جمهور المعرض يوسا بسبب الإساءة لبطلهم الوطنى ماركيز، وهذا ما دفع يوسا للخروج من الباب الخلفى للمعرض.

بدأت شهرة يوسا الأدبية مع روايته الأولى "المدينة والكلاب" التى صدرت عام 1963، وروى فيها تجربته فى إحدى المؤسسات العسكرية، كما تسببت أعماله الأدبية العديدة التى من بينها رواية "الفردوس.. أبعد قليلا" و"البيت الأخضر" و"السمكة فى الماء" و"الحقيقة من الأكاذيب" وغيرها، فى أن يصل إلى قائمة أشهر كتاب أمريكا اللاتينية التى لاقت ازدهاراً أدبياً فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت، وذلك إلى جانب كتاب آخرين أبرزهم ماركيز وفوينتس وكورتاثا.

يوسا الذى دائما ما يصف الكتابة الأدبية بالرذيلة وكاتبها بالساحر والمشعوذ لم تكن أعماله تعتمد جميعها على الخيال مثل سائر أبناء جيله، بل كان يثريها دائما بالحقائق الواقعية، فتتحول من مجرد كتابة أدبية إلى عمل استقصائى توثيقى، لذلك لم يكن من الغريب أن يصفه النقاد بأنه من الكتاب القلائل فى العالم الذين يثيرون فضولاً فكرياً وتاريخيا وسياسيا وأدبيا، على حد سواء، وأن يلقبوه بالمرشح الدائم لنوبل.

ويحاول يوسا من خلال أدبه تجسيد صورة القارة اللاتينية التى ينتمى إليها بما فيها من مبادئ سياسية واجتماعية، وله أفكار عدة من بينها أن فكرة اليوتوبيا "المدينة الفاضلة" هى أكبر طموح للإنسان منذ فجر التاريخ. وأن وظيفة المثقف هى أن يكون فاضحاً، وأن الكلمات ألغام مرصودة تنفجر فى ضمير القارئ أو سلوكه أو ذاكرته.

وانجذب يوسا فى أولى مراحل شبابه إلى شخصية فيديل كاسترو والثورة الكوبية، ولكنه قاطع بعد ذلك كافة الحركات اليسارية، وشن حملات هجوم عنيفة ضد كاسترو تحديدا، وشارك فى تأسيس حركة "الحريات" القائمة على تحالف عدد من الأحزاب اليمينية وترشح لرئاسة جمهورية بيرو عام 1990، إلا أنه خسر أمام منافسه البرتو فوخيمورى، ولاقى يوسا المزيد من الهجوم بسبب شخصيته المتقلبة وفقا للمواقف السياسية التى تحدث، فأيد أولا السياسة الأمريكية والحرب على العراق، وعبر عن ذلك فى عدة مقالات دأب على نشرها بصحيفة "الباييس" أثناء الحرب عندما سافر إلى مسرح الحرب مع ابنته مورغانا، إلا أنه عاد ليصف هذه الحرب مرة أخرى بأنها انتهاك للشرعية الدولية، ثم عاد لينتقد قرار انسحاب القوات الأسبانية من العراق واصفا إياه بأنه انتصار للإرهابيين، وهذا ما جعل شخصيته السياسية صعبة التفسير حتى من قبل المقربين إليه، خاصة بعدما أعلن يوسا عن موقفه من دعوة القس الأمريكى تيرى جونز لحرق القرآن الكريم فى ذكرى 11 سبتمبر، واصفاً إياه بالمتعصب الباحث عن الشهرة، مشيراً إلى أنه كان من الأولى ألا تولى وسائل الإعلام أى اهتمام لهذا القس المتطرف، وترد عليه بالتجاهل والنكات على صفحاتها، وهذا أمر طبيعى للتعليق على هذا الاستفزاز وهذه الحماقة والبهلوانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق