الخميس، 12 سبتمبر 2013

حين يغادر الشعراء: عن رحيل محمد العيسى وسليمان العيسى وسليمان الفليح و شيركو بيكه.. عبد العزيز الصقعبي

 

ينما يتحدث الناس عن الصيف وشمس أغسطس آب المحرقة، يُدوّن في سجل التاريخ قائمة لشعراء رحلوا في أحد أيام هذا الشهر، ففي عام 2008م رحل الشاعر العربي الكبير محمود درويش، وفي الشهر ذاته عام 2010 رحل الشاعر والروائي الدكتور غازي القصيبي، وفي هذا العام، لم يغادر هذا الشهر إلا وقد رصد في سجله ثلاثة شعراء عرب وشاعر كردي غادروا هذه الدنيا.

الشاعر الدبلوماسي
في الثاني من شهر أغسطس رحل الدبلوماسي والشاعر الكبير محمد الفهد العيسى، وهو معروف ببصمته الأدبية وأثره على مسيرة الفن السعودي. ولد عام 1923 في عنيزة بالمملكة العربية السعودية. بدأ موظفاً بمكتب ممثل وزير الخارجية بجدة, وتدرج في عدد من الوظائف الحكومية منها مدير عام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية, ووكيل لوزارة الشؤون الاجتماعية, ثم سفير وممثل المملكة في موريتانيا, وقطر, والكويت, والأردن. اشترك في عدد من المؤتمرات الدولية والعربية. حصل على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة, ووسام الاستحقاق الوطني من موريتانيا, ووشاح الاستحقاق من قطر, وميدالية المستشرق عبدالكريم جرمانوس من جمعية المستشرقين الهنغاريين ولاقت كتابات العيسى اهتماماً من قبل النقاد. 
لقب نفسه بالفهد التائه. وصفه الشاعر عبدالله بن إدريس في كتابه شعراء نجد المعاصرون بأنه (شاعر عاطفي ذو طاقات فنية رائعة)، أما عمر الطيب الساسي في كتابه (الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) فقال: «شاعر شهير يتعلق ببلاده ويرمز إلى ذكرياته فيها في معظم شعره، ويستلهم التاريخ أحياناً بمناجاة المواقع الجغرافية، ويحلم في رومانسية يصب في جوها بوح نفسه، ولكن في محافظة تامة على قوالب الشعر ونظامه المتوارث، مع محاولات حذرة في التجديد في هذا الإطار، ومحمد الفهد العيسى يكاد لا يتحدث في شعره كله إلا عن تجاربه الذاتية، وهموم نفسه في غلالة من الأسى والحزن».
وللشاعر محمد الفهد العيسى –رحمه الله- عدة دواوين شعرية منها: ليديا 1963، على مشارف الطريق 1963، الإبحار في ليل الشجن 1980، الحرف يزهر شوقاً 1989، دروب الضياع 1989، ندوب 1993 وغيرها.

شاعر الطفولة والقومية العربية
في التاسع من أغسطس رحل الشاعر السوري سليمان العيسى، بدمشق عن عمر ناهز 92 عاماً، وهو من مواليد النعيرية في أنطاكية من لواء إسكندرون عام 1921، وقد درس صغيراً على أبيه أحمد العيسى في القرية، فحفظ القرآن وآلاف الأبيات من الشعر العربي. بدأ سليمان العيسى كتابة الشعر في التاسعة فكتب أول باقة من شعره في القرية، متحدثاً عن هموم الفلاحين وبؤسهم. كان فتى يانعاً عندما اندلعت ثورة اللواء العربية، ومنذ تلك الآونة راح يشارك بقصائده القومية في التظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء ضد الانتداب الفرنسي. واصل دراسته الثانوية في ثانويات حماة واللاذقية ودمشق. وفي هذه الفترة ذاق مرارة التشرد وعرف قيمة الكفاح في سبيل الأمة العربية ووحدتها وحريتها. دخل السجن أكثر من مرة بسبب قصائده الغاضبة ومواقفه القومية. شارك في تأسيس حزب البعث منذ البدايات. درّس في دار المعلمين ببغداد، وفي مدارس حلب وحلّ موجهاً أول للغة العربية في وزارة التربية السورية.
أقام في اليمن أعواماً طويلة، وكُرّم بجوائز واحتفالات. وانصرف بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967 إلى كتابة الشعر للأطفال فأنجز دواوين كثيرة انتشرت عربياً. وهو من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سوريا عام 1969، وانتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق في 1990. أعماله الشعرية والنثرية فاقت الخمسين كتاباً، وصدرت في عواصم عربية عدة.

شاعر البدو الرحّل
في الحادي والعشرين من أغسطس انتقل إلى رحمة الله الشاعر سليمان الفليح بعد وعكة صحية مفاجئة في دولة الأردن، ويعد الفليح أهم الأسماء التي أثرت الساحة الشعرية والثقافية ويملك مسيرة حافلة وقد ترك خبر رحيله أثراً كبيراً في نفوس محبيه.
ولد سليمان فليح لافي العنزي عام 1951، رعى الإبل والغنم في صغره، نال من الدراسة سنوات متقطعة كان يعود خلالها إلى ممارسة البداوة، دخل الجندية, وشارك في جبهات القتال في مصر أثناء حرب الاستنزاف, بدأ الكتابة منذ السبعينيات في جريدة السياسة, ثم والى النشر في المجلات الثقافية, واشترك في كثير من المهرجانات والندوات الأدبية والشعرية.
والفليح المولود في شمال السعودية يعد أحد أهم شعراء الحداثة في الخليج، وله عدة إصدارات مهمة في الأدب والشعر، كانت إضافة للمكتبة الأدبية أبرزها (ديوان الغناء في صحراء الألم) في عام 1979، وديوان (أحزان البدو الرحل) في عام 1980، وديوان (ذئاب الليالي) في عام 1993، وديوان (الرعاة على مشارف الفجر) في عام 1996، وديوان (رسوم متحركة) في عام 1996، وكان آخر إصداراته (البرق فوق البردويل) المنشور في عام 2009.
وإلى جانب تلك الإصدارات هناك مجموعة من المخطوطات التي لم ترَ النور حتى الآن أهمها: (الدراسات النقدية والأنثربولوجيا)، و(الأعراف والعادات، البدو)، و(السيرة الذاتية لطائر الشمال)، وتمت ترجمة بعض أعماله إلى اللغات الإنجليزية والروسية والصربية والفرنسية.

الشاعر الكردي
وفي الرابع من أغسطس توفي الشاعر العراقي الكردي شيركو بيكه س، عن عمر ناهز الـ73 عاماً في أحد مستشفيات السويد إثر مرض عضال، وبيكه شاعر كردي ولد في محافظة السليمانية شمالي العراق في الثاني من أيار من العام ١٩٤٠، ووالده فائق بيكه س أحد الشعراء الكرد المشهورين.
انخرط شيركو في شبابه في منتصف الستينيات بالعمل السياسي في الحركة الكردية. وفي مطلع السبعينيات أصدر بيكس مع عدد من الأدباء الأكراد بياناً دعوا فيه إلى تبني الحداثة وفتح آفاق إبداعية جديدة في الأدب الكردي. وأصدر أكثر من 35 ديواناً شعرياً، من بينها: (باللهيب أرتوي)، و(مرايا صغيرة)، و(الشفق والهجرة)، و(شعاع القصائد).
وترجمت قصائده إلى أكثر من عشر لغات عالمية، ومن بينها قصيدة شهيرة كتبها عن القصف الكيماوي الذي تعرضت له مدينة حلبجة عام 1988.
 
منقول من المجلة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق